9 سنوات من «الخريف» العربي| «العراق».. أزمات أمنية واقتصادية

العراق
العراق

انتهاك أمريكي - إيراني للسيادة .. ومعاناة المواطنين مستمرة


9 سنوات مرت على زلزال «2011» الذى ضرب فى موجته الأولى العديد من العواصم العربية، ومن يومها لم تهدأ الأمور على الساحة العربية، فما بين عام وآخر تسقط ضحية جديدة لتلك الثورات التى ترفع فى البداية شعار الحرية والرخاء والمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

ثم ما تلبث الأمور أن تتحول إلى حالة من الفوضى والاضطراب الذى يعصف بتلك البلدان ويحولها إلى ساحة صراع يودى بحياة الكثير من الضحايا، ويدفع باقتصادها على حافة الهاوية.

هكذا تتحول أحلام الديمقراطية والتغيير والرخاء، إلى كوابيس تهيمن عليها أجواء القتل والإرهاب والحروب الأهلية والصراعات الطائفية، ويدفع ملايين الأبرياء من أبناء تلك الشعوب الثمن من دمائهم أو من استقرارهم، أو يضطرون لمغادرة بلدانهم والحياة كلاجئين مشردين بين البلدان المختلفة.

وتشير كل الأرقام والوقائع إلى أن ما يسمى بـ«الربيع العربى» لم يكن سوى خريف قاسٍ، لم تنجو كل الدول التى شهدت تلك الاضطرابات سواء فى موجته الأولى عام 2011، أو فى الموجة الثانية خلال السنوات الأخيرة.

العراق

البعض يصنفها على أنها امتداد لثورات الربيع العربى نظراً لتشابه الظروف وطبيعة الأوضاع والأحداث.. الانتفاضة العراقية 2019، أو كما يطلق عليها «ثورة تشرين»، التى انطلقت ببلاد الرافدين فى الأول من أكتوبر من العام الماضى، حيث جرت الدعوة للقيام بمظاهرات ضد الفساد والبطالة والمطالبة باستقالة عادل عبد المهدى وحكومته وتغيير النظام السياسى.

فاجتاحت التظاهرات بغداد ومدن الجنوب والتى قابلها رد فعل عنيف من قوات الأمن العراقية التى استعملت القوة المفرطة لقمع المتظاهرين مما أدى لاشتعال الوضع، وكأن الزمن يعود لعام 2011 والأحداث التى شهدتها العديد من الدول العربية.

أغلقت الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير فى قلب بغداد، كما تم حظر مواقع التواصل الاجتماعى وقطع خدمة الإنترنت فى جميع أنحاء البلاد، ومع تصاعد حدة التظاهرات سادت حالة من الاضرابات والاعتصامات، وأصبحت الأمور أكثر دموية باغتيال أبرز الناشطين من الشباب والسياسيين المشاركين فى الثورة.

وعلى الرغم من وعد عادل عبد المهدى رئيس الوزراء آنذاك بتوفير فرص العمل للشباب، ومنح فرص للخريجين، وغيرها من إجراءات الإصلاح، إلا أن ذلك لم يكن كافياً بالنسبة للمتظاهرين خاصة مع وقوع 489 قتيلا وآلاف الجرحى خلال المظاهرات، حتى أعلن رئيس الوزراء استقالته وموافقة مجلس النواب العراقى عليها فى 1 ديسمبر الماضى.

ولاتزال الاحتجاجات والمظاهرات مستمرة حتى الآن خاصة فى ظل رفض المتظاهرين أن تكون الحكومة القادمة من نفس الوجوه السياسية المعروفة التى تداولت على السلطة فى البلاد منذ عام 2003.

العراق الذى عانى من ويلات الحروب والعدوان الأمريكى، ومن ثم الدخول فى نفق مظلم من الصراعات وسيطرة الجماعات الإرهابية، أصبح يعانى من أجل النهوض والعودة مجدداً للاستقرار، ولكن بعد عامين من هزيمة تنظيم داعش وجد العراقيون الذى يقترب عددهم من 40 مليون نسمة أنفسهم فى أوضاع متدهورة رغم ما يملكه العراق من ثروة نفطية، فضلاً عن تفشى الفساد.

فقد جاءت فى المرتبة 12 فى لائحة الدول الأكثر فساداً فى العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية، ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائى ومياه الشرب بشكل مزمن منذ سنوات، وكلها أسباب دفعت الشعب للانتفاضة ضد الحكومة.

الوضع الاقتصادى الآن فى العراق يسير من سيئ لأسوأ، فبلغت موازنة عام 2019 نحو 112 مليار دولار، بعجز يصل إلى 23 مليار دولار، يتم تسديده من قروض أجنبية، وضاعفت هذه الموازنة من الاستنزاف المالى للدولة عما كانت عليه فى العام 2018، إذ كان العجز المالى آنذاك 11 مليار دولار.

ووفقاً لوكالة التصنيف الإئتمانى «ستاندرد آند بورز» فالديون ستزيد على مدار الأعوام الأربعة المقبلة.. الأمر لم يقتصر عند هذا الحد، حيث تعانى الدولة من انتهاك واضح لسيادتها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وهو ما تجلى بعد قيام أمريكا باغتيال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس بالحرس الثورى، على طريق مطار بغداد الدولى، وهو ما دفع إيران للرد بقصف مواقع أمريكية بالعراق منها قاعدة «عين الأسد»، دون اعتبار لسيادة الأراضى العراقية.

وقد صرح مارتن هوث سفير الاتحاد الأوروبى فى العراق فى هذا الشأن، وأكد أن بلاد الرافدين لا يستحق أن يكون ضحية حروب الآخرين، مشيراً إلى انتهاك واضح لسيادة العراق من قبل إيران والولايات المتحدة.

المعاناة ليست على العراقيين فى الداخل فقط، وإنما يعانى اللاجئون العراقيون فى الخارج ظروفاً معيشية قاسية خاصة فى تركيا التى شهدت ارتفاعا كبيرا فى نسبة المهاجرين بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابى على الموصل عام 2014.